الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
258137 مشاهدة print word pdf
line-top
المستحاضة المميزة

قوله : فإن لم يكن لها عادة، أو نسيتها، فإن كان دمها متميزا بعضه أسود ثخين منتن، وبعضه رقيق أحمر، وكان الأسود لا يزيد على أكثر الحيض، ولا ينقص عن أقله فهي مميزة، حيضها زمن الأسود فتجلسه، ثم تغتسل، وتصلي، لما روي أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: لا إن ذلك عرق، وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة، فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي متفق عليه . وفي لفظ إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي إنما هو عرق رواه النسائي . وقال ابن عباس ما رأت الدم البحراني أي فإنها تدع الصلاة، إنها والله إن ترى الدم بعد أيام محيضها إلا كغسالة ماء اللحم.


الشرح: هذه هي الحالة الثانية من أحوال المستحاضة وهي المميزة وهي من تنتقل إلى التمييز إذا لم يكن لها عادة، أو كانت لها عادة ولكنها نسيتها.
فبعض النساء يكون لها عادة ولكنها تتقدم وتتأخر، وتزيد وتنقص، يعني تارة يكون حيضها ثمانيا، وتارة يكون خمسا، وتارة يكون سبعا، وتارة يزيد، وتارة ينقص، وتارة يأتيها من أول الشهر، وتارة يأتيها من وسطه، وتارة يكون في آخره، فهذه ليست بمعتادة، ولكنها عارفة بعادتها وأنها متقاربة الأيام، فحيضها يكون مثلا ستة أيام، ولكنه أحيانا يبدأ من اليوم الثالث إلى اليوم التاسع، وأحيانا يبدأ من اليوم السابع إلى اليوم الثالث عشر، فعادتها ليست ثابتة بل متنقلة.
وقد يكون بعض النساء لها عادة فتنساها.
فالحاصل أن من ليس لها عادة، أو قد نسيت عادتها فإنها تنتقل إلى الحالة الثانية وهي (التمييز) والتمييز هو أن تجعل حيضها زمن نزول الدم الغليظ، وهو دم الحيض، وتتوقف عن الصلاة، فإذا كان الدم الآخر فإنها تغتسل وتتوضأ لكل صلاة.
ودليل هذا قوله -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف روي (يعرف) أي تعرفه النساء، وروي (يعرف) أي له رائحة، والعرف هو الريح.
فالغالب أن دم الحيض يكون متميزا، ويكون أسود ثخينا له رائحة، وأما دم الاستحاضة فيكون أحمر رقيقا.
فالحاصل أن هذه المرأة تعمل بالتمييز، فتجلس قدر الأيام التي هي أيام الحيض بحسب صفات الدم كما سبق، وتصلي بقية الشهر.
وهذا الحكم إذا كانت هذه الأيام المتميزة قدر أيامها، فإذا كانت أيام حيضها ستة أيام مثلا، تنظر: هل هذا الدم الغليظ لم يتجاوز الأيام الستة التي هي أيامها أم تجاوزها، وهل هو متوالي ومتواصل أم منقطع، فإن كان متواصلا ولم يتجاوز عادتها فهو حيضها، تجلسه وتتوقف عن العبادة فيه، وإن كان مختلطا، وتخللته أيام ترى فيها الطهر، ففي هذه الحالة ترجع إلى الحالة الثالثة- كما سيأتي-.

line-bottom